القائمة الرئيسية

الصفحات

أم ألمؤمنين عائشة رضي الله عنها


هي أم المؤمنين عائشة بنت الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، خليفة رسول الله الأوَّل، وهو عبدالله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التميمي، وأمها هي أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبدشمس بن عتاب بن أذينة الكنانيَّة، وهي ثالث زوجات الرسول صلى الله عليه وسلموإحدى أمهات المؤمنين، والتي لم يتزوج امرأة بكرًا غيرها، وهي بنت الخليفة الأول أبو بكر بن أبي قحافة، وقد تزوَّجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدرفي شوال سنة 2 هـ، وكانت من بين النساء اللواتي خرجن يوم أُحد لسقاية الجرحى.


أم ألمؤمنين عائشة رضي الله عنها

الحبروى البخاري قال حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَمْرَو بْنَ العَاصِ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلاَسِلِ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: عُمَرُ فَعَدَّ رِجَالًا، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي آخِرِهِمْ.
 
وقد أحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يوصي بها أمها أم رومان قائلًا: "يا أم رومان، استوصي بعائشة خيرًا واحفظيني فيها".
 
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال:قالت لي عائشة: يا ابن أختي، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يخفى علي حين تغضبين ولا حين ترضين"، فقلت: بمَ تعرف ذاك بأبي أنت وأمي؟ قال: "أما حين ترضين فتقولين حين تحلفين: لا ورب محمد، وأما حين تغضبين فتقولين: لا ورب إبراهيم"، فقلت: صدقت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 
العلمأورد الحاكم في المستدرك، قال عروة بن الزبير بن العوام: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْعِلْمِ وَالشعْرِ وَالطب مِنْ عَائِشَةَ أُم الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها.
 
الفصاحةقال الأحنف بن قيس: سَمِعْتُ خُطْبَةَ أَبِي بَكْرٍ الصديقِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطابِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفانَ، وَعَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَالْخُلَفَاءِ هَلُم جَرًّا إِلَى يَوْمِي هَذَا، فَمَا سَمِعْتُ الْكَلامَ مِنْ فَمِ مَخْلُوقٍ، أَفْخَمَ، وَلا أَحْسَنَ مِنْهُ مِنْ فِي عَائِشَةَ رضي الله عنها.
 
الحفظقال الحاكم في المستدرك: إن رُبْعَ أَحْكَامَ الشرِيعَةِ نُقِلَت عَن السيدَة عَائِشَة رضي الله عنها.
 
الحديثوقد عدَّ الذهبي أحاديث عائشة 2210 أحاديث، منها 174 متفق عليه، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين حديثًا، ومسلم بتسعة وستين حديثًا، وقال الذهبي أن أكثر من مائة شخص روى عن عائشة رضي الله عنها، ومن الأحاديث التي نقلتها السيدة عائشة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم:
أخرج البخاري في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ أُم الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها أَن الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ رضي الله عنه سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَي فَيُفْصَمُ عَني، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ"، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ، وَإِن جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا.
 
وأخرج أيضًا عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِنْ الأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ، قَالُوا: إِنا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، إِن اللهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَغْضَبُ حَتى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُم يَقُولُ: إِن أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللهِ أَنَا".
 
كان أكابر الصحابة يسألونها فيما استشكل عليهم، فقد قال أبو موسى الأشعريمَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا أَصْحَابَ رَسُوْل الْلَه صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ قَط، فَسَأَلْنَا عَائِشَةَ، إلا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا.
 
مثالبلغها يومًا أن عبدالله بن عباس أفتى بأن من أهدى هديًا، حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه، فقالت: ليس كما قال ابن عباس، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه، ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحله الله له حتى نحر الهدي.
 
مثالدخل عليها يومًا رجلان فقالا: إن أبا هريرة يحدث أن النبي كان يقول إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار، فغضبت ثم قالت: كذب، والذي أنزل القرآن على أبي القاسم من حدث بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان أهل الجاهلية يقولون: إن الطيرة في الدابة والمرأة والدار، ثم قرأت: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحديد: 22].
 
ألَّف بدر الدين الزركشي كتابًا ذكر فيه كل المسائل التي قيل أن عائشة رضي الله عنها استدركتها على الصحابة، وسماه «الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة عن الصحابة»، وقد حقق في تلك في هذه المسائل وبين صحيحها من ضعيفها.
 
الجهادشاركت السيدة عائشة رضي الله عنها في بعض الغزوات كغيرها من أمَّهات المؤمنين والصحابيَّات رضي الله عنهنَّ، ففي غزوة أُحُد شاركت عائشة - رضي الله عنها - في ملء قِرَب الماء لجنود جيش المسلمين، وقد حدَّث أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن ذلك، فقال: (ولقد رأيتُ عائشةَ بنتَ أبي بكرٍ وأمَّ سُلَيمٍ، وإنَّهما لمُشَمِّرَتانِ، أرَى خَدَمَ سوقِهما تُنْقِزَانِ القِرَبَ على مُتُونِهما، تُفرِغانِه في أفواهِ القومِ، ثم تَرجِعانِ فتَملآنِها، ثم تَجيئانِ فتُفرِغانِه في أفواهِ القومِ).
 
ألقاب عائشة رضي الله عنها:


أم المؤمنين: بهذا اللقب لُقبت عائشة رضي الله عنها كغيرها من أمهات المؤمنين، وبيان ذلك قوله سبحانه وتعالى﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴾ [الأحزاب: 6].
 
ابنة الصديق: من ذلك ما روته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: "قلت يا رسول الله﴿ وَالذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون من الآية:60]، هو الذي يزني ويشرب الخمر ويسرق؟ قال: «لا يا بنة الصديق: ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق، ويخاف ألا يُقبل منه» (شرح العقيدة الطحاوية؛ تخريج الألباني).
 
 ابنة أبي بكر: روى الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي، فأذن لها، فقالت: يا رسول الله، إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، وأنا ساكتة"، قالت: "فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي بنية ألست تحبين ما أحب؟»، فقالت: بلى، قال: «فأحبي هذه»"، قالت: "فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرتهن بالذي قالت، وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلن لها: ما نراكِ أغنيتِ عنَّا من شيء، فارجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له: إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة، فقالت فاطمة: والله لا أكلمه فيها أبدًا"، قالت عائشة: "فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أر امرأة قط خيرًا في الدين من زينب، وأتقى لله وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالًا لنفسها في العمل الذي تصدَّق به، وتتقرَّب به إلى الله تعالى، ما عدا سَورة مِن حِدَّةٍ كانت فيها، تسرع منها الفيئة"، قالت: "فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مرطها، على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها، فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة"، قالت: "ثم وقعت بي، فاستطالت علي، وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرقب طرفه، هل يأذن لي فيها"، قالت: "فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر"، قالت: "فلما وقعت بها لم أنشبها حتى أنحيت عليها"، قالت: "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسَّم: «إنها ابنة أبي بكر»".
 
أم عبدالله: روت عائشة رضي الله عنها قولها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "أم كل صواحبها لهن كنى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فاكتني بابنكِ عبدالله»، يعني ابن أختها فكانت تُكنَّى بأم عبدالله"؛ (سنن أبي داود)، وفي رواية ثانية عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لَمَّا وُلِدَ عبدالله بن الزبير أتيتُ به النبي صلى الله عليه وسلم، فتفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوه، وقال: «هو عبدالله وأنتِ أم عبدالله»، فما زلت أُكنَّى بها وما ولدت قط"؛ (صحيح ابن حبان).
 
عائش: ففي الصحيحين عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عائش، هذا جبريل يُقرئكِ السلام»، قلت وعليك السلام ورحمة الله وبركاته"؛ رواه الشيخان.
 
حميراء: عن أم المؤمنين عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخل الحبشة المسجد يلعبون، فقال لي: «يا حميراء، أتحبين أن تنظري إليهم»، فقلت: نعم، فقام بالباب وجئته فوضعت ذقني على عاتقه، فأسندت وجهي إلى خده"، قالت: "ومن قولهم يومئذ أبا القاسم طيبًا"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حسبك»، فقلت: يا رسول الله لا تعجل، فقام لي ثم قال: «حسبك»، فقلت: "لا تعجل يا رسول الله"، قالت: "وما لي حب النظر إليهم، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ومكاني منه".
 
قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا حميراء، أتحبين أن تنظُري إليهم؟!» يعني: إلى لعب الحبشة ورقصهم في المسجد، ولفظ: «حميراء»: معناه البيضاء.
 
مكانتها‏أخرج البخاري في صحيحه عن ‏أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه ‏قال: ‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:‏ "‏كَمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا ‏مريم بنت عمران، ‏وآسية امرأة فرعون، ‏وفضل ‏عائشة ‏على النساء كفضل ‏الثريد ‏على سائر الطعام".
 
الوفاة: قيل: إنها توفيت سنة ثمانٍ وخمسين، الموافق عام 678م، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وهي ابنة 66 عامًا، بعد مرض ألَمَّ بها، حتى إنها شعرت بأنه مرض الموت، أمرت أن تُدفن ليلًا، فدفنت بعد الوتر بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه، ونزل في قبرها خمسة: عبدالله وعروة ابنا الزبير، والقاسم بن محمد، وعبدالله بن محمد بن أبي بكر، وعبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين.
التنقل السريع