"هو الإمام أبو
عبدالله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث، ينتهي نسبه إلى يعرب
بن يشجب بن قحطان الأصبحي، جده أبو عامر صحابي جليل".
مولده:
"الإمام
مالك بن أنس، أحد أعلام الإسلام، إمام دار الهجرة، ولادته بالمدينة، ولا تتفق
الروايات على سنة ولادته، فتذكرها ما بين سنتي (90 - 97هـ)".
"ولكن
الصحيح في ميلاد الإمام مالك كان في سنة ثلاث وتسعين للهجرة (93هـ) بالمدينة
النبوية، عام موت أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم".
نشأته:
"نشأ
الإمام مالك في بيت اشتغل بعلم الأثر، وفي بيئة سخرت جُلَّ وقتها للحديث والأثر،
فجدُّهُ مالك بن أبي عامر من كبار التابعين، روى عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن
عفان، وطلحة بن عبيد الله، وعائشة أم المؤمنين، وقد روى عنه بنوه أنس أبو مالك
الإمام، وربيع، ونافع المكنى بأبي سهيل؛ ولكن يبدو أن أباه أنسًا لم يكن مشتغلًا
بالحديث كثيرًا، ومهما يكن حاله من العلم ففي أعمامه وجدِّه غَناء، ويكفي مقامهم
في العلم لتكون الأسرة من الأسر المشهورة بالعلم، ولقد اتَّجه من قبل مالك من
إخوته أخوه النضر، فقد كان ملازمًا للعلماء يتلقَّى عليهم، فنشأ الإمام مالك
وترعرع في المدينة، في صونٍ ورفاهيةٍ وتجمُّلٍ، وطلبٍ للعلم، فلم يَعْرف عملًا ولا
تجارةً ولا سعى لسفرٍ أو صناعةٍ؛ إنما كان همُّهُ الأوحد طلب العلم ورواية الحديث".
أبناؤه:
"كان
للإمام مالك رحمه الله ابنان: يحيى ومحمد، وابنة اسمها فاطمة، قال ابن شعبان:
ويحيى بن مالك يروي عن أبيه نسخة من الموطأ، وذُكر أنَّه روى عنه باليمن، وروى عنه
محمد بن مسلمة، وابنه محمد الذي قدم مصر، وكتب عنه وحدَّث عنه الحرث بن مسكين.
فضائله:
"مالك
جمُّ المناقب والفضائل، يمُّ المواهب والفواضل، اتَّسع في الفضل مجالُه، وفاض في
الأفضال سِجَالُه، واتَّسق في التقوى قوله وفعاله، وأصبح قريعَ عصره ، وفريدَ دهره
ومِصره، وعلمًا سار بذكره الركبان، وتعطر بنشره الزمان، جمع بين فصاحة البيان
وسماحة البنان.
نظم
من جواهر الكلام عِقدًا يُزان بمثله نحر الإسلام، وصاغ من تبر الشريعة تاجًا، وفتح
للسنة البيضاء رتاجًا ، وقسَّم ميراث النبوة بين الأمة الهادية، وبَرَّد بماء
الحياة عليل الأنفس الصادية، خص بالمناقب الشريفة المبينة، والمراتبِ المنيفة
المتينة، كما قال فيه عبدالله بن المبارك إمام خُراسان رحمه الله:
يَدَعُ
الْجَوابَ فَلَا يُرَاجَعُ هَيْبَةً
وَالسَّائِلُونَ
نَوَاكِسُ الْأَذْقَانِ
أَدَبُ
الْوَقَارِ وَعِزُّ سُلْطَانِ التُّقَى
فَهُوَ
الْمُطَاعُ وَلَيْسَ ذَا سُلْطَانِ
صفاته:
"كان
مالك طويلًا جسيمًا، عظيم الهامة، أبيض الرأس واللحية، وقيل: تبلغ لحيته صدره،
وقيل: كان أشقرَ أزرقَ العينين، يلبس الثياب العدنية الرفيعة البيض، وقال أشهب:
"كان مالك إذا أعتم جعل منها تحت ذقنه، ويسدل طرفيها بين كتفيه"، وقال
خالد بن خداش: "رأيت على مالك طيلسانًا وثيابًا مروية جيادًا، قيل: وكان يكره خلق
الثياب، يعيبه ويراه من المثلة ولا يغير شيبه .
وفاته:
قال
محمد بن سعد: "اشتكى مالك أيامًا يسيرة، فسألت بعضَ أهلنا عما قال عند الموت،
فقالوا: تشهَّد، ثم قال: لله الأمر من قبل، ومن بعد، وتوفي صبيحة أربع عشرة من
ربيع الأول، سنة تسع وسبعين ومائة (179ه، 795م)، في خلافة هارون الرشيد، وصلى عليه
عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وهو يومئذٍ والٍ
على المدينة، ودفن بالبقيع، وكان ابن خمس وثمانين سنة".
علمه :
"وقد
عكف على موائد العلم في أول سنة عشر ومائة، وفيها تُوفِّي الحسن البصري، فأخذ عن:
نافع ولازمه، وعن: سعيد المقبُري، ونعيم المجمر، ووهب بن كيسان، والزهري، وابن
المنكدر، وعامر بن عبدالله بن الزبير، وعبدالله بن دينار، وزيد بن أسلم، وصفوان بن
سليم، وإسحاق بن أبي طلحة، ومحمد بن يحيى بن حبان، ويحيى بن سعيد، وأيوب
السختياني، وأبي الزناد، وربيعة بن أبي عبدالرحمن، وخلق سواهم من علماء المدينة،
فقل ما روى عن غير أهل بلده" .
شيوخه:
"فأخذ
الإمام مالك رحمه الله عن عدد كبير من العلماء؛ منهم: نافع، وسعيد المقبري، وعامر
بن عبدالله بن الزبير، وربيعة بن أبي عبدالرحمن، وابن المنكدر، والزهري، وعبدالله
بن دينار" .