هو:
عامر بن عبدالله بن الجراح بن هلال بن فهر.
كان
أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه رجلًا نحيفًا، معروق الوجه، خفيف اللحية،
طوالًا، أجْنَأ، منحني الظهر، أثرم الثنِيَّتَيْنِ، سقطت ثنيَّتاه من أصلهما وكان
يصبغ رأسه ولحيته بالحِنَّاء والكَتَم؛ [الطبقات الكبرى لابن سعد، ج: 3، ص: 312].
إسلام
أبي عبيدة:
قال
يزيد بن رومان: "انطلق عثمان بن مظعون، وعبيدة بن الحارث، وعبدالرحمن بن عوف،
وأبو سلمة بن عبد الأسد، وأبو عبيدة بن الجراح، حتى أتَوا رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فعرض عليهم الإسلام، وأنبأهم بشرائعه، فأسلموا في ساعة واحدة، وذلك قبل دخول
رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم"؛ [الطبقات الكبرى
لابن سعد، ج: 3، ص: 313، سير أعلام النبلاء للذهبي، ج: 1، ص: 8:7].
هجرة
أبي عبيدة:
هاجر
أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وآخى رسول الله صلى
الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن معاذ؛ [الإصابة لابن حجر العسقلاني، ج: 2، ص:
244].
علم
أبي عبيدة:
روى
أبو عبيدة خمسة عشر حديثًا، وله في صحيح مسلم حديث واحد، وله كذلك حديث واحد في
سنن الترمذي.
حدَّث
عنه العرباض بن سارية، وجابر بن عبدالله، وأبو أمامة الباهلي، وسمرة بن جندب،
وأسْلَمُ مولى عمر بن الخطاب، وعبدالرحمن بن غنم، وآخرون؛ [سير أعلام النبلاء
للذهبي، ج: 1، ص: 6].
جهاد
أبي عبيدة بن الجراح:
شهد
أبو عبيدة رضي الله عنه بدرًا وأُحُدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم، كان أبو عبيدة أحد الأمراء المسيَّرين إلى الشام، والذين فتحوا دمشق، ولما
ولِيَ عمر بن الخطاب الخلافة، عزل خالد بن الوليد، واستعمل أبا عبيدة؛ فقال خالد:
ولِيَ عليكم أمين هذه الأمة، وقال أبو عبيدة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: ((إن خالدًا لَسيف من سيوف الله))؛ [أسد الغابة لابن الأثير، ج: 3، ص: 23،
صفة الصفوة لابن الجوزي، ج: 1، ص: 365].
كان
أبو أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه يتصدى لابنه أبي عبيدة يوم بدر، فكان أبو
عبيدة يبتعد عنه، فلما أكْثَرَ، قصده أبو عبيدة فقتله؛ فأنزل الله تعالى فيه هذه
الآية حين قتل أباه:
﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ
أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ
بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ
اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22]؛ [حلية الأولياء لأبي
نعيم الأصبهاني، ج: 1، ص: 101].
روى
ابن سعد عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "قال أبو بكر الصديق: لما كان يوم
أُحُد ورُميَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه حتى دخلت في أجنتيه حلقتان من
المِغفر - ما يلبسه المقاتل على رأسه - فأقبلتُ أسعى إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم وإنسان قد أقبل من قِبل المشرق يطير طيرانًا، فقلت: اللهم اجعله طاعة، حتى
توافينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أبو عبيدة بن الجراح قد بدرني،
فقال: أسألك بالله يا أبا بكر إلا تركتني فأنزعه من وجنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم، قال أبو بكر: فتركته فأخذ أبو عبيدة بثنية إحدى حلقتي المغفر فنزعها، وسقط
على ظهره، وسقطت ثنية أبي عبيدة، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنية الأخرى فسقطت، فكان
أبو عبيدة في الناس أثرمَ أهتمَ، وكان أبو عبيدة من أحسن الناس هتمًا"؛
[الطبقات الكبرى لابن سعد، ج: 3، ص: 313].
حسن
أخلاق أبي عبيدة:
قال
موسى بن عقبة: أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل،
وهي من مشارف بداية الشام، فخشِيَ عمرو، فبعث يستمد فندب النبي صلى الله عليه وسلم
الناس من المهاجرين الأولين، فانتدب أبو بكر وعمر في آخرين، فأمَّر عليهم أبا
عبيدة بن الجراح مددًا لعمرو بن العاص، فلما قدموا عليه، قال: أنا أميركم، فقال
المهاجرون: بل أنت أمير أصحابك، وأبو عبيدة أمير المهاجرين، فقال: إنما أنتم مددي،
فلما رأى ذلك أبو عبيدة، وكان حسن الخلق متبعًا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعهده، فقال: تعلم يا عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: إن قدمت على
صاحبك فتطاوعا، وإنك إن عصيتني أطعتك؛ [الإصابة لابن حجر العسقلاني، ج: 2، ص: 244].
مناقب
أبي عبيدة بن الجراح:
1- روى الترمذي عن عبدالرحمن بن عوف
رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبو بكر في الجنة، وعمر
في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة،
وعبدالرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة،
وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة))؛ [حديث صحيح، صحيح سنن الترمذي للألباني، حديث:
2946].
2- روى الشيخان عن حذيفة رضي الله
عنه، قال: ((جاء أهل نجران إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ابعث لنا رجلًا
أمينًا، فقال: لأبعثنَّ إليكم رجلًا أمينًا حق أمين، فاستشرف له الناس، فبعث أبا
عبيدة بن الجراح))؛ [البخاري حديث:4381، مسلم حديث: 2420].
3- روى الشيخان عن أنس، عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: ((لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح))؛
[البخاري حديث: 4382، مسلم حديث: 2419].
4- روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله
عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر،
نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح، نعم الرجل أسيد بن حضير، نعم الرجل ثابت بن قيس بن
شماس، نعم الرجل معاذ بن جبل، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح))؛ [حديث صحيح،
صحيح سنن الترمذي للألباني، حديث: 2984].
5- روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها،
أنها سُئلت: ((من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفًا لو استخلفه؟ قالت:
أبو بكر، فقيل لها: ثم مَن بعد أبي بكر؟ قالت: عمر، ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت:
أبو عبيدة بن الجراح، ثم انتهت إلى هذا))؛ [مسلم حديث: 2385].
6- روى الترمذي عن عبدالله بن شقيق
قال: ((قلت لعائشة رضي الله عنها: أي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان أحب
إليه؟ قالت: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قالت: ثم عمر، قلت: ثم من؟ قالت: ثم أبو عبيدة
بن الجراح، قلت: ثم من؟ فسكتت))؛ [حديث صحيح، صحيح سنن الترمذي للألباني، حديث
2892].
7- قال الذهبي: "كان أبو عبيدة
معدودًا فيمن جمع حفظ القرآن العظيم"؛ [سير أعلام النبلاء للذهبي، ج: 1، ص:
16:15].
وفاة
أبي عبيدة بن الجراح:
مات
أبو عبيدة بن الجراح في طاعون عمواس بالأردن، سنة ثماني عشرة هجرية في خلافة عمر
بن الخطاب، وكان عمر أبي عبيدة ثمانيَ وخمسين سنة؛ [الطبقات الكبرى لابن سعد، ج:
3، ص: 317].
لما
مات أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، خطب معاذ بن جبل رضي الله عنه فقال:
"أيها الناس: إنكم فُجِعتم برجل، والله ما رأيت من عباد الله قط أقلَّ حقدًا،
ولا أبرَّ صدرًا، ولا أبعدَ غائلة، ولا أشد حياءً للعاقبة، ولا أنصح للعامة – منه؛
فترحموا عليه"؛ [الإصابة لابن حجر العسقلاني، ج: 2، ص: 245].