هو الزبير بن العوَّام بن خُويلد بن أسد بن عبد العُزى
بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الأسدي.
كنيته: أبو عبدالله، أُمُّه صفية بنت عبدالمطلب، عمَّة
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو ابن عمة رسول الله، وابن أخي خديجة بنت خويلد
زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ (أسد الغابة لابن الأثير، جـ2، صـ 102).
قال عروة بن الزبير: كان الزبير طويلًا تخط رجلاه الأرض
إذا ركب الدابَّة، وكانت أُمُّه صفية تضربه ضربًا شديدًا وهو يتيم، فقيل لها:
قَتَلْتِه، أَهْلَكْتِه، فقالت: إنما أضْرِبُه لكي يَدِبَّ ويـَجُـرَّ الجيشَ ذا
الجَلَب؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي، جـ 1، صـ45).
إسلام الزبير بن العوام:
أسلم الزبير بن العوَّام وهو ابن ست عشرة سنة، كان عَمُّ
الزبير يُعلِّق الزبير ويدخن عليه النار، وهو يقول له: ارجع إلى دين الآباء
والأجداد، فيقول الزبير: لا أكفر أبدًا؛ (الطبقات الكبرى لابن سعد، جـ3، صـ 75)
(حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني، جـ 1، صـ 89).
علم الزبير بن العوَّام:
روى الزبير ثمانية وثلاثين حديثًا، منها في الصحيحين
حديثان، وانفرد البخاري بسبعة أحاديث؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي، جـ 1، صـ 67).
قال عبدالله بن الزبير: قلت للزبير: ما لي لا أسمعك
تُحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يُحدِّث فلان وفلان؟ قال: أما إني لم
أفارقه، أسلمت؛ ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَنْ كذب عليَّ
فليتبوَّأ مقعده من النار))؛ (الطبقات الكبرى لابن سعد، جـ 3، صـ 79).
مناقب الزبير بن العوَّام:
(1) روى البخاريُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ: ((مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟)) فَقَالَ
الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَالَ: ((مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟))،
فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَالَ: ((مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ
الْقَوْمِ؟))، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ
حَوَارِيَّ، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ))؛ (البخاري، حديث: 4113).
• الحواريُّ: المؤيد، الناصر، المخلص في كل شيء.
(2) روى ابنُ سعدٍ عن هشام بن عروة أن غلامًا مَرَّ بعبدالله
بن عمر فسُئل: مَن هو؟ فقال: ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ابن
عمر: إن كنت من ولد الزبير، وإلا فلا، قال: فسُئِلَ: هل كان أحدٌ يُقالُ له حواري
رسول الله صلى الله عليه وسلم غير الزبير؟ قال: لا أعلمه؛ (الطبقات الكبرى لابن
سعد، جـ3، صـ 78).
(3) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى حِرَاءٍ (اسم جبل) هُوَ وَأَبُو
بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَتَحَرَّكَتْ
الصَّخْرَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((اهْدَأْ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ))؛ (مسلم،
حديث: 2418).
(4) روى البخاري عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ
مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ
وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 172] قَالَتْ لِعُرْوَةَ: يَا بْنَ
أُخْتِي، كَانَ أَبَوَاكَ مِنْهُمْ الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا أَصَابَ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ
وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا، قَالَ: مَنْ يَذْهَبُ
فِي إِثْرِهِمْ، فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، قَالَ: كَانَ فِيهِمْ
أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ؛ (البخاري، حديث: 4077).
(5) روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ
عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ
الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: سَرِّحْ الْمَاءَ
يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِ، فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِلزُّبَيْرِ: ((أَسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِل الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ))،
فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: أنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؛ فَتَلَوَّنَ
وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: ((اسْقِ
يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِس الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ))، فَقَالَ
الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ ﴿
فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾
[النساء: 65]؛ (البخاري حديث: 2359/مسلم، حديث: 2357).
• شِرَاجِ الْحَرَّةِ: مسايل الماء.
• الْحَرَّةِ: الأرض الملسة، فيها حجارة سوداء.
• أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؛ أي: فعلت ذلك؛ لكونه ابنَ
عمَّتك.
• تَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أي: تغيَّر من الغضب؛ لانتهاك حُرُمات النبوَّة وقبح كلام هذا
الرجل.
(6) روى الترمذيُّ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَبُو بَكْرٍ
فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ
فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ،
وَعَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ،
وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ))؛
(حديث صحيح) (صحيح سنن الترمذي للألباني، حديث 2946).
(7) روى أبو نعيم عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير عن جدتها
أسماء ابنة أبي بكر قالت: مَرَّ الزبير بن العوَّام بمجلس من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم وحسان بن ثابت ينشدهم، فمدح حسان بن ثابت الزبير فقال في مديحه للزبير:
فكم كُربة ذَبَّ الزبير بسيفه
عن المصطفى واللهُ يعطي ويجزل
فما مثله فيهم ولا كان قبله
وليس يكون الدهر ما دام يذبل
ثناؤك خير من فِعال معاشر
وفعلك يابن الهاشمية أفضل
(حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني، جـ 1، صـ 90).
(8) كان الزبير بن العوَّام أحد الستة، أصحاب الشورى، الذين
تُوفي عنهم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عنهم راضٍ، قال عمر بن الخطاب: والله
لوددت أني خرجت منها كفافًا، لا عليَّ ولا لي، وأن صحبة رسول الله صلى الله عليه
وسلم سلمت لي، ولو أنَّ لي طلاع الأرض ذهبًا لافتديت به من هَوْل المطلع، وقد
جعلتها شورى في عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبدالرحمن بن عوف وسعد؛ (تاريخ الخلفاء
للسيوطي، صـ 126).
جهاد الزبير بن العوَّام:
هاجر الزبير بن العوَّام إلى أرض الحبشة الهجرتين
جميعًا، ثم إلى المدينة، ولم يتخلَّف عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال عروة بن الزبير: كانت على الزبير عمامة صفراء
معتجرًا بها يوم بَدْر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الملائكة نزلت على
سيماء (علامة) الزبير))؛ (الطبقات الكبرى لابن سعد، جـ3، صـ 76).
(1) روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ،
قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ الْأَحْزَابِ جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ
فِي النِّسَاءِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ عَلَى فَرَسِهِ يَخْتَلِفُ
إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَلَمَّا رَجَعْتُ، قُلْتُ:
يَا أَبَتِ، رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ، قَالَ: أَوَ هَلْ رَأَيْتَنِي يَا بُنَيَّ؟
قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: ((مَنْ يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ؟))، فَانْطَلَقْتُ،
فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَبَوَيْهِ فَقَالَ: ((فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي))؛ (البخاري، حديث: 3730/ مسلم،
حديث: 2416).
(2) روى البخاريُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ
أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِلزُّبَيْرِ
يَوْمَ الْيَرْمُوكِ: أَلَا تَشُدُّ (تهجم على العدوِّ) فَنَشُدَّ مَعَكَ،
فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ (على جيش الروم) فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ
بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ عُرْوَةُ: فَكُنْتُ أُدْخِلُ
أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ؛ (البخاري، حديث:
3721).
(3) روى البخاريُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ
قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ: لَقِيتُ يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَةَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ
الْعَاصِ وَهُوَ مُدَجَّجٌ (مُغطًّى بالسلاح) لَا يُرَى مِنْهُ إِلَّا عَيْنَاهُ
وَهُوَ يُكْنَى أَبُو ذَاتِ الْكَرِشِ، فَقَالَ: أَنَا أَبُو ذَاتِ الْكَرِشِ،
فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالْعَنَزَةِ (وَهِيَ الْحَرْبَةُ) فَطَعَنْتُهُ فِي
عَيْنِهِ، فَمَاتَ، قَالَ هِشَامٌ: فَأُخْبِرْتُ أَنَّ الزُّبَيْرَ قَالَ: لَقَدْ
وَضَعْتُ رِجْلِي عَلَيْهِ، ثُمَّ تَمَطَّأْتُ، فَكَانَ الْجَهْدَ أَنْ نَزَعْتُهَا
وَقَدْ انْثَنَى طَرَفَاهَا، قَالَ عُرْوَةُ فَسَأَلَهُ إِيَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا، ثُمَّ طَلَبَهَا أَبُو بَكْرٍ
فَأَعْطَاهُ، فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ سَأَلَهَا إِيَّاهُ عُمَرُ فَأَعْطَاهُ
إِيَّاهَا، فَلَمَّا قُبِضَ عُمَرُ أَخَذَهَا، ثُمَّ طَلَبَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ
فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَقَعَتْ عِنْدَ آلِ عَلِيٍّ
فَطَلَبَهَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى قُتِلَ؛
(البخاري، حديث: 3998).
قال سعيد بن المسيب: أول مَن سَلَّ سيفًا في سبيل الله
الزبير بن العوَّام (وكان عمره اثنتي عشرة سنة)، بينما هو بمكة إذ سمع صوتًا أن
النبي صلى الله عليه وسلم قد قُتل، فخرج وفي يده السيف صلتًا فتلقاه النبي صلى
الله عليه وسلم فقال له: ((ما لك يا زبير؟))، قال: سمعت أنك قد قُتِلت، قال: فما
كنت صانعًا؟ قال: أردت والله أن أستعرض أهل مكة، قال: فدعا له النبي صلى الله عليه
وسلم؛ (صفة الصفوة لابن الجوزي، جـ1، صـ 346).
قال عمرو بن مصعب بن الزبير: قاتل الزبير مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو ابن اثنتي عشرة سنة، فكان يحمل على القوم؛ (صفة الصفوة
لابن الجوزي، جـ1، صـ 346).
موقف الزبير في حروب الفتنة:
قال عبدالرحمن بن أبي ليلى: انصرف الزبير يوم الجمل عن
عليٍّ بن أبي طالب، فلقيه ابنه عبدالله، فقال: جُبْنًا جبنًا، قال: يا بني، قد علم
الناس أني لست بجبان؛ ولكن ذكَّرني عليٌّ شيئًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه
وسلم فحلفت ألَّا أقاتله، فقال: دونك غلامك فلانًا، فقد أعطيت به عشرين ألفًا
كفَّارة عن يمينك، قال: فولى الزبير وهو يقول:
تَرْكُ الأمورِ التي أخشى عَواقِبَها
في الله أحْسَنُ في الدنيا وفي الدِّين
(حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني، جـ 1، صـ 91).
استشهاد الزبير بن العوَّام:
روى ابنُ سعدٍ عن عِكرمة عن ابن عباس أنه أتى الزبير
فقال: أين صفية بنت عبد المطلب حيث تقاتل بسيفك علي بن أبي طالب بن عبد المطلب؟
قال: فرجع الزبير فلقيه عمرو بن جرموز فقتله، واجتزَّ رأسه، وذهب به إلى علي بن
أبي طالب، ورأى أن ذلك يحصل له به حظوة عنده، فاستأذن فقال علي: لا تأذنوا له،
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بشِّر قاتل ابن صفية بالنار))،
وأخذ عليُّ بنُ أبي طالب سيف الزبير وقال: سيفٌ والله طالما جلا به عن وجه رسول
الله صلى الله عليه وسلم الكرب، وقال عليُّ بنُ أبي طالب: إني لأرجو أن أكون أنا
وطلحة والزبير من الذين قال الله في حقِّهم: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ
مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47].
قال موسى بن طلحة: كان علي، والزبير، وطلحة، وسعد، عذار
عام واحد (يعني ولدوا في سنة واحدة)؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي، جـ 1، صـ44).
دُفنَ الزبير رحمه الله بوادي السباع، وجلس عليُّ بنُ
أبي طالب يبكي عليه هو وأصحابه، تُوفِّي الزبير سنة ست وثلاثين من الهجرة، وكان
عمره سبعة وستون عامًا؛ (الطبقات الكبرى لابن سعد، جـ 3، صـ: 84:81).